الوصال – سعيد البوسعيدي

خلال حديثٍ مع إحدى الأخوات تعملُ في حضانة أطفال كانت تسرد قصة مضحكة ولكن أيضا بها الكثير من الخطوط الحمراء، فقد بدأ الحديث بأن هذه الموظفة اضطرت في أحد الأيام أن تنوب عن زميلتها لترافق الأطفال في حافلة المدرسة الصغير بهدف الحفاظ على النظام العام في الحافلة وضمان سلامة الأطفال. في تلك التجربة والتي بدأت بسؤال برئ من أحد الأطفال الذين لا تتجاوز أعمارهم الخامسة " استاذه نتيه متزوجه؟ " .

بعد هذا السؤال انطلقت الكثير من الأسئلة المحرجة الأخرى والكثير من القصص التي ما إن بدأ الأطفال بسردها عن بيوتهم لم تتوقف إلا بطلب حازم جدا من المشرفة للجميع بالتزام الصمت. بكل بساطة لأنها كانت مصدومة من كمية الأسرار التي تم افشاؤها في الباص خلال دقائق بسيطة جدا من أطفال لا تتجاوز أعمارهم الخمس سنوات. فمنهم من قال أباه يقول لأمي، يمكنك تصور مدى خطورة مثل هذا المحتوى على لسان طفل وينشره خارج المنزل بدون دراية أو وعي منه.

قد نسقط جميعا في هذا الفخ بسبب جهل منا أو تقصير، ولكن وجب علينا الاحتراز والانتباه لنوعية المحتوى المباشر الذي يتلقاه الطفل في المنزل، فهذا الطفل هو جهاز أخبار متنقل بكل براءة ولطف وحسن نية. من هنا يجب علينا جميعا الانتباه لتصرفاتنا وأقوالنا أمام الأطفال، فمن حق الطفل أن يلتقط كل ما هو مفيد ونافع له ومن حقه أن يسرد أجمل القصص عن حياته حين يكون مع أصدقائه أو حتى مع معلمته.

يمكن تحقيق ذلك بكل بساطة من خلال تجنب بعض الحوارات الشخصية للزوجين أمام الأطفال، وتجنب التصرفات التي تفوق مستوى تفكير الطفل وفهمه، بل حتى تجنب الخلافات والغضب أمامهم، فكل تصرف نقوم  به هو بمثابة تصرفٍ قدوة لدى الأطفال ويقلدونه مباشرة. في المقابل أيضا، يمكننا استغلال تقليد الأطفال من خلال استخدام الكلمات الجميلة والإكثار من التصرفات الحسنة. فبذلك نضمن تقليد أطفالنا لنا بما يجعلهم أفضل داخل المنزل وخارجه المنزل.

--:--
--:--
استمع للراديو