الوصال - سعيد البوسعيدي

يُعرف النمر بقوته وشراسته الحيوانية تجاه فريسته التي ينقض عليها ليضمن بقاءه حيً في الغابة. وكون أن النمر حيوان لا يملك عقل يتفكر به وهو يبحث بالفطرة عن الفريسة التي سوف تبقيه قادرا على الحياة إلى أن ينتقل للفريسة التي بعدها. ولكن كرمنا الله نحن كبشر بأن رزقنا العقل والقدرة في التفكر، ودائما ما يكون التوجه الإنساني هو التعايش والتسامح كبشر خُلقنا مختلفين من حيث اللون والشكل واللغة والفكر والثقافة وغيرها الكثير من الاختلافات.

بالرغم من ذلك، نجد الكثيرين منا ممن يتنمرون على من يختلف معهم في وجهات النظر أو التفكير أو حتى الثقافة أو الدين. في السابق كان التنمر يسود أصحاب القوة والمال والسلطة. ولكننا اليوم نشاهد التنمر هو وسيلة لكل ضعيف يستخدم الإنترنت والتواصل الاجتماعي كأداة للتعويض عن النقص الذي يعيشه. نعم، نحن نشاهد بشكل يومي -تقريبا- حالات من التنمر الالكتروني ممن يجدون الإنترنت فضاء مفتوح للقذف والسب والتدخل في خصوصيات الأخرين.

بمجرد أن نختلف في وجهة النظر أو بأن تتصرف بتصرف لا يعجبنا أو لا يروق لذائقتنا الشخصية، نبدئ بالقذف والشتم والتقليل من الأخر بدون أي مراعاة للطرف الأخر وكيف هو تقبله لما يسمعه ويراه كإنسان ذو مشاعر. أحد الاحصائيات تقول بأن 18% من الأطفال والمراهقين حول العالم قد تعرضوا للتنمر الإلكتروني. و 7 من أصل 10 أشخاص من مستخدمي الأنترنت حول العالم تعرضوا للإساءة في مرحلة معينه.

لماذا التنمر الإلكتروني إذا كان هنالك لغة أكثر رصانة وحكمة " وأدب " للتعبير عن اختلافنا مع الأخر؟ لماذا نطالب بحقوق الإنسان والعدالة وحرية التعبير، ونحن أول من يستخدم التنمر الإلكتروني للتعبير عن آراءنا؟ لماذا لا نعكس الثقافة التي نتحدث عنها ليل نهار كالتغني بقول الرسول " لو أهل عُمان أتيت ما سبوك ولا ضربوك " ونحن أول من نشن الشتام والسباب والسخرية في كل من يختلف معنا؟

نحن هنا لا نعمم، فهنالك أيضا فئة كبيرة ممن يحملون حُسن الخُلق والأدب في الحوار والفكر والثقافة. ولكن يبقى أملنا بأن نجتز كل ما هو مقيت من تربتنا. فإذا أردنا بأن نكون مخلصين لديننا ولوطننا، فلنبدئ من أنفسنا ونسألها " هل أنا متنمر على أي مخلوق أخر من خلال تواجدي في الإنترنت؟ " قد تكون الإجابة " لا أعرف" لذلك أدعوك للبحث والتعرف أكثر على معني " التنمر الإلكتروني" لتنئا نفسك عن ممارسته بعلم أو بدون علم. ولتتجن بأن تكون " نمر إلكتروني مَقيت".

--:--
--:--
استمع للراديو