الوصال - سعيد البوسعيدي

شدتني مؤخرا الكثير من الأفكار الجميلة والمبتكرة لتشجيع الناس على دفع الصدقات، فمنهم من أصبح يستثمر المؤثرين في شبكات التواصل الاجتماعي لتجميع مبالغ مالية وتقديمها كصدقات للمحتاجين. فيما يقوم غيرهم بعمل مزاد لبيع منتجات معينة ويذهب العائد منها إلى الصدقات. ومنهم من يبحث عن الفقراء والمحتاجين ويستثمر في أبنائهم بالتعليم والبعثات الدراسية الداخلية منها والخارجية. وآخرين يستثمرون في معدات طبية قد تنقذ حياة شخص.

 

جميعها أفكار جميلة ومؤثرة وتحقق الهدف المباشر لمعنى الصدقة حسب ما عرَّفها موقع المعاني فهي: ما يُعطى للفقير ونحوه، من مالٍ، أو طعامٍ، أو لباسٍ، على وجه التقرّب إلى الله تعالى، وليس على سبيل المكرُمة.

 

وفي المقابل نجد أيضا الكثير من الممارسات التي قد يكون هدفها نبيلًا ولكن نتائجها لا تحقق الهدف المرجو من الصدقة الخالصة. فمثل من يهدم مسجدًا لا يتجاوز عدد المصلين فيه سطرًا أو سطرين ولم تتجاوز آخر عملية تحديث له إلا بضع سنوات ويعيد بناءه بمبالغ باهظة جدا. والتي لو نظرنا لقيمتها المجتمعية لكانت من الممكن أن تخدم فئات أخرى بأمس الحاجة لتلك الصدقة.

 

من هنا يتبادر في ذهني سؤال، ألا وهو هل نفكر فعلا بقيمة الصدقات التي نقدمها إن كان لها عائد مباشر ومفيد للمجتمع أم هي مجرد رغبة لتقديم صدقة بدون مراعاة قيمتها!! وحين نساهم نحن في دعم صندوق معين أو جهة معينة كصدقة، هل نفكر فعلا كيف سوف تسهم تلك الصدقة في حل قضية أو أزمة فرد أو عائلة أو حتى مجتمع بأكمله أم هي مجرد عادة نشأنا عليها وأصبحنا نمارسها كغيرها من العبادات بالتقليد الأعمى؟

 

أتمنى فعلا أن نعيد النظر في الكثير من صدقاتنا التي تذهب للكثير من الحاجات غير الضرورة للفرد والمجتمع ونسعى بقدر المستطاع لتقديمها لكل ما من شأنه إحداث تغير حقيقي ومباشر للمجتمع. ففيها الأجر العظيم ويجب أن نستثمره في المفيد وليس فيما قد يشعرنا بالرضاء الذاتي فقط. فنحن نقدمه للمحتاج وليس لرضاء الذات.

 

 

--:--
--:--
استمع للراديو