الوصال : بقلم خلفان الطوقي صدرت الاسبوع الماضي خمسة مراسيم سلطانية سامية معنية بتهيئة الاستثمار وجعل السلطنة وجهة استثمارية جاذبة، وهذه القوانين تلامس جميع من في القطاع الخاص من مؤسسات استثمارية عمانية او غير عمانية او أفراد مستثمرين سوء كانوا عمانيين او وافدين، بل يلامس المقيمين حاليا في السلطنة او المؤسسات والصناديق الاستثمارية او الأفراد وخاصة التجار الذين يسعون الاستثمار او ممارسة التجارة في السلطنة، القوانين الجديدة الخاصة بالتخصيص او الشراكة بين القطاع العام والخاص او قانون الإفلاس او قانون رأس المال الأجنبي او إنشاء الهيئة العامة للتخصيص والشراكة جميعها سوف تلامس كل من في المجتمع بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، لذلك وجب تسليط الضوء عليها وتحليلها وإبراز مزاياها وتحدياتها وكيفية سد الثغرات -أن وجدت- من المحللين والمهتمين بالشأن الاقتصادي من إعلاميين وكتاب ومفكرين وممارسين للتجارة، فكل قانون مستحدث لابد له من مزايا وعيوب، ولا يمكن لأي قانون أن يرضي ويرضى به الجميع، وأن كانت مزاياه أكثر بكثير من مساويه. وان ذكرنا المزايا المتوقعة لقوانين الاستثمار الجديدة، إلا أن هناك توصيات اتمنى من المعنين أخذها في الاعتبار التي سوف تكتب في نهاية المقالة، أما بالنسبة الى الفوائد المتوقعة وأهمها: فعلى المستوى المالي فإنها سوف تزيد من إيرادات خزينة الدولة من خلال استقطاب رؤوس أموال جديدة أجنبية للاستثمار المباشر والإستثمار غير المباشر، وستتمكن من منافسة دولا أخرى تضع موانع مثل حجم رأس المال أو نسبة الشراكة مع التاجر العماني، أما بالنسبة للجانب الحقوقي فإن القوانين الجديدة سترفع الحرج عن السلطنة من المنظمات الحقوقية التي تسلط الضوء على بعض الحالات الفردية التي تستغل الفرد الأجنبي استغلالا غير مقبولا انسانيا لأي فرد بغض النظر عن جنسيته اتفقنا مع هذه الحالات ام اختلفنا، ولكنه ملفا يثأر بين فترة وأخرى وأن كانت ممارسات فردية لا تعكس التوجه الحكومي العادل والمنصف، أما من ناحية التوقيت والوقت، فسيكون للمستثمر العماني او المستثمر الأجنبي الحق على حصول "موافقة" او "رفض لطلبه" بشكلا مكتوب، وفي حال عدم الحصول على الأشعار الكتابي من الجهة الحكومية خلال مدة أقصاها ستة اشهر، فإن ذلك يعتبر أن الطلب الاستثماري المقدم من المستثمر هو إشعار بالقبول بحكم القانون، مما يعني أن الجهة الحكومية عليها أن تدرس الطلب وترد على المستثمر وتتواصل معه بشكلا مستمر، وإلا وقعت تحت المسألة القانونية، عكس ما كان حاصلا في السابق، والذي كان "صمت" الجهة الحكومية يعني عدم قبول المبادرة الاستثمارية، فالاعراف السابقة لم تتطرق إلى هذه النقطة الجوهرية. اما بالنسبة لتشتيت جهود المستثمرين وانتقالهم من جهة إلى جهة أخرى، فالقوانين الجديدة عالجت ذلك بانشاء الهيئة العامة للتخصيص والشراكة التي سوف تأخذ دور "المحطة الواحدة" خاصة في كل المشاريع الاستثمارية العملاقة التي تخص التخصيص او الشراكة بين القطاع الحكومي والقطاع الخاص، وهذا بحد ذاته سوف يشجع القطاع الخاص على المبادرة، خاصة أن علم المستثمر أن عليه اللجوء إلى جهة حكومية واحدة وأصبح لديه ولدى الحكومة دليل استرشادي واضح لا يتعبه ولا يشتته بعيدا عن القرارات الابتدائية او الاجتهادات الفردية، أما من ناحية السرية والخصوصية، فالقوانيين الإستثمارية الجديدة سوف تحفظ سرية المشاريع وتمنع اي موظف حكومي من إفشاء اي معلومات عن أي مبادرة استثمارية بالإضافة إلى ذكر ذلك في القوانين الجزائية الأخرى، وأراد المشرع ذكر ذلك كمادة مكتوبة في القانون الجديد ليزيد من حجم الثقة بين الحكومة والمستثمر، أما من ناحية التجارة المستترة، فالقوانيين الاستثمارية الجديدة تعالج ذلك، فتجار "الفيز" لن يجدوا لهم نصيرا وسوف يكونوا معزولين ومكشوفين أمام المجتمع وامام الجهات القضائية، وسيقل عددهم مع الأيام وستقل معهم تجاوزاتهم التي تحرج الدولة وتخلط الحابل بالنابل والجاد والمتجاوز. اما فيما يتعلق بموضوع "التعمين" الشغل الشاغل لأي مواطن، فالقوانيين الجديدة تلزم اي مستثمر أجنبي بنسب التعمين المتعارف عليها، مما يعني زيادة التوظيف للباحثين عن عمل، حيث أنه لن يتجرأ اي مستثمر بأي استثمار إلا أنه سوف يعي مسبقا بهذا الموضوع الحساس والذي يلزمه بما يلزم الشركة العمانية، أما من الناحية القانونية، فإن المستثمر وخاصة غير العماني أصبح ملزما بالتعامل المباشر مع الجهات القضائية ولا يمكنه التنصل من مسؤوليته القانونيه ورميها على شريكه او كفيله العماني والهروب كما هو حاصلا في الماضي والمحاكم خير شاهدا على ذلك، أما بالنسبة للشفافية، فأصبح لازما على الحكومة أن ارادت ان تطرح أي مبادرة استثمارية وبموجب القانون وبموجب الدليل الاستراشادي أن تطرح "كراسة" التناقص بين الجميع التي تضمن الشفافية والمنافسة العادلة وتكافء الفرص، والاكفاء منهم هو من سوف يفوز بالفرص الاستثمارية المطروحة، أما بالنسبة الى تحويل الأموال إلى الخارج، فمن المتوقع أن سوف تجعل المستثمر الاجنبي أكثر ثقة وراحة بأن يصرف جزء من ماله في أرضا استقبلته ورحبت فيه واشعرته بالطمأنينة، أما من الناحية الأمنية، فمن المتوقع أن تخف بشكل كبير العمالة السائبة او الهاربة، فالمستثمر الجاد لن يجلب اي عمالة مالم يتأكد بأنها مجدية لأعماله التجارية، أما بالنسبة للشراكة بين العماني والأجنبي، فإنها سوف تكون مبنية على آلية واضحة مبنية على المشاركة والإنتاجية من الطرفين، وليس الحصول على عمولات دون مشاركة منصفة وحقيقية لكلا الطرفين، وعلى التاجر العماني الحقيقي والجاد والمنصف أن لا يقلق من ذلك، لأن الوافد لن يتخلى عنه إن وجده شريكا منصفا ومنتجا، يتضح أن الفوائد من القوانيين الجديدة تتجاوز عشر او حتى عشرون ميزة خاصة أن تم تفنيدها إلى نقاط أصغر، ونكتفي بما كتب لأن مقالة واحدة لا ولن تستوعبها. واخيرا، وبالرغم من الفوائد العديدة، إلا أن التوصيات النثرية من المراقبين والمهتمين لابد أن تكون حاضرة في سد الثغرات من المستثمرين غير الجادين خاصة من بعض الوافدين المتجاوزين، وأيضا تكون التوصيات حاضرة في عدم المنافسة غير العادلة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة من خلال اللائحة التنفيذية النهائية المزمع اعتمادها خلال الأشهر القليلة القادمة، كما يفضل أن تكون "القائمة السلبية" للأنشطة تراعي هذا الجانب، وتوصية غاية في الاهمية ضرورة عقد لقاءات مشتركة عديدة بين معدي اللوائح التنفيذية وبين المهتمين والمتخصصين من ممثلي غرفة تجارة وصناعة عمان والاستفادة من وجهات نظرهم المثرية لسد الثغرات والتحديات أن وجدت، وأخر توصية هو الاستفادة القصوى من التحديات والسناريوهات المزعجة التي واجهت الدول خاصة دول مجلس التعاون التي ألغت نظام الكفالة، لنتمكن من تحويل جميع هذه القوانين النظرية إلى تطبيقات وممارسات عملية ناجحة تؤتي بثمارها الإيجابية التي تثري الوطن واكبر شريحة من المواطنين وكل مستثمر حقيقي وجاد.

--:--
--:--
استمع للراديو