الوصال – تحدث توني بلير رئيس وزراء المملكة المتحدة الأسبق عن شخصية المغفور له، صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد -طيب الله ثراه-.

يقول بلير: عرفت السلطان قابوس لأكثر من ٢٠ عاما، زرت عمان مرات عديدة وجلست بصحبته وتبادلنا الحديث لساعات متأخرة.

أول ما لاحظته هو إنسانيته. لم يكن يطمع في قيادة بلده لغرض شخصي، ولكن لأنه – وعلى رغم صغر سنه في  ذلك الوقت- كان بإمكانه رؤية مستقبل أمته عالقا بسبب التفكير القديم والنظرة الضيقة للعالم التي أعاقت تطورها.

لقد كان يؤمن بشعبه، وبخصالهم الفريدة وبإمكاناتهم، لكن لم يكن باستطاعته استغلال هذه الطاقات دون إحداث تغيير. مع تطور البلد، ومن خلال التزامه بقيم الإنسانية، أصبحت عمان مركزًا للتسامح والتنوع والثقافة. لقد كان نقيضًا تمامًا للفكر الضيق، فكان عابرا لحدود العرق والعقيدة والثقافة. لقد أحب الفن والموسيقى، وعلى الرغم من أنه كان مسلما متدينا، فقد كان يشعر بالسلام مع أتباع سائر الديانات.

ثانياً، كان يعلم أن مفتاح التنمية هو بفتح سبل الاقتصاد. فشجع السياحة، وطور البنية التحتية للبلاد بشكل جذري، وأشرف على التوسع السريع في المرافق التعليمية والصحية، وفي آخر أيامه، كان قد شرع في تنويع مصادر الدخل الضرورية جدا.

كان يخبرني باستمرار أن ما يشغل باله هو عدم الاستقرار في المنطقة والتوترات بين اللاعبين الإقليميين التي قد تعرض التنمية في عمان للخطر. كان يأخذني خارج الغرفة التي كنا فيها، ويشير عبر البحر باتجاه إيران ويقول: "أنت ترى كم هذه المسافة قصيرة، ولهذا السبب لا يمكننا تكبد أي نزاع".

ثالثاً، أخذ توجها مستقلا لبلده حتى يتمكن من لعب دور الوسيط وصانع السلام حيثما أمكن ذلك أصبحت عُمان مكانًا يمكن فيه عقد اجتماعات تتسم بالحساسية الشديدة بثقة تامة، ليقوم بالجمع بين المتنازعين مع بعضهم البعض.

عندما ننظر إلى سلطنة عمان عندما تولى مقاليد الحكم فيها، وسلطنة عمان اليوم، لا شك أن السلطان قابوس يستحق الثناء الذي حصل عليه إليه من جميع أنحاء العالم.

كان هذا بفضل إنجازاته وأيضا بفضل دفء شخصيته ولطفه. بالنسبة لقائد وحاكم في مكانته، لم تكن لديه (الأنا) أبدا.

وبرز هذا الأمر في طريقة تخطيطه لتسليم الخلافة.

فقد تم اختيار القائد الجديد، السلطان هيثم بحكمة. فهو يتمتع بالخبرة ليسلك نهج الإصلاح هذا. أصدقاء عمان متفائلون. فقد تم تمهيد أساسات البلد. لهذا ولأكثر من ذلك بكثير، لدينا أسباب كثيرة للامتنان للسلطان قابوس.

--:--
--:--
استمع للراديو