الوصال- خولة بنت سلطان الحوسني

لو كان كورونا واحداً من البشر لكان اليوم أسعدهم لكونه استطاع أن يحقق نجاحاً باهراً يكمن في تمكنه من غزو العالم في مده قياسية عابراً للقارات والمحيطات والمدن والقرى متربعاً على قمة عناوين وسائل الإعلام متصدراً وسائل التواصل الاجتماعي مغيراً للكثير من مفاهيم العالم الحديث منشطاً للتعلم عن بعد ومجبراً البشر للاعتماد على أنفسهم في قضاء حوائجهم جامعاً للأسر في منازلهممعيداً لقائمة الوجبات لتشمل أكل أكثر صحة لتقوية مناعتهم مبتعدين عن الوجبات السريعة مركزين على الرياضة، داعياً لإعادة الكثير من الحسابات في الصرف والمأكل والشرب والملبس، ذكرهم بسنن ربانية قد غفلوا عنها وأهمها النظافة، مقللاً لنسبة التلوث ففي الصين وحدها قلت نسبة ثاني أكسيد النيتروجين بنسبة 35% مقارنة بنفس الفترة من السنة الفائتة.

لذلك قد يكون أسعد البشر لو كان كذلك إلا لأنه كائن لا يعرف التصالح مع البشر وجاء لينجز مهمته العدائية لتثري الثرى بالجثث التي غادرت مستسلمة له، مفرقاً الأحباب والأصحاب مباعداً الخطى غالقاً لدور العبادة وكثيرة هي أفعال كورونا وسأبتعد عن ذكرها لأنه تبعث على القلق والحزن.

في المقابل هناك نوع من البشر أستغل هذه الفرصة ليصطاد في الماء العكر ومتأكدة بأن من سيقرأ المقال سيكون مرت عليه بعض من هذه النماذج التي ما أن أعلن قرار إغلاق المدارس في الرابع عشر من مارس أصدر بعض الموظفين قرار خاص لأنفسهم للجلوس في المنزل بحجة أن الظروف أجبرتهم على ذلك بأنه لا يوجد من يعيل أبنائهم أو وخوفاً من الخروج ونقل العدوى لهم إلا أن ذلك لا ينطبق على الخروج للتسوق أو التنزه؟؟!! وعندما صدر قرار ثلاثين سبعين بحيث يذهب لمقار العمل 30% ويبقى الآخرون في منازلهم وبالأخص من ينطبق عليهم نظام العمل عن بعد وجدوه عوناً لهم وأن لا كان ينطبق عليهم. 

إلا أن المتتبع لتاريخهم الوظيفي سيجد أن الكثير من هؤلاء يعانون من عدم استقرار وظيفي من الأساس كثيري الأعذار متخبطون في عملهم لا يعرفون على أي اتجاه يسيرون كثيري المطالبة بحقوقهم ومتناسين واجباتهم.

أن مثل هؤلاء يجب لا يغفل عنهم وبالأخص في ظل الوضعالاقتصادي المنهار والذي لم يشهد التاريخ مثله منذ الحرب العالمية الأولى والذي سيكون له تبعاته المرهقة على العالم وعُمان جزء من هذه المنظومة فأنه آن الآوان للخروج من دائرة المجاملات في العمل وبالأخص القطاع الحكومي وفرض العقوبات حسب القانون على كل من يستهين بعمله ولا يؤدي واجبه على أكمل وجه، كما يجب إعادة النظر في قانون الإجازات المرضية وتحديدها حتى لا يستطيع أصحاب الضمير الميت التحايل فهناك أناس مخلصين لوطنهم وعملهم لكن الفرصة لم تأتيهم ليحظوا بوظيفة هؤلاء هم أحق بها بدلاً من يمكث في الوظيفة لانتظار الراتب دون إنتاجيه.

فالجميع لديه أسرة وأبناء يخاف عليهم ويجازف من أجلهم فمن يحب هذا الوطن سيضحي من أجله في أحلك الظروف. 

السؤال هل سيستمر هؤلاء على هذا الوضع إذا تقرر أن يستمر قرار تعطيل المدارس حتى شهر سبتمبر؟!!

--:--
--:--
استمع للراديو