الأمن الصحي

الوصال- محمد نعيم طاهر


صدم فيروس كورونا المستجد " كوفيد 19 " العالم ..خلخل بنيان الدول ووضعها أمام تحد غير مسبوق ، وإتضح أنه لم يكن أي أحد جاهز ويملك خطة طوارىء لمواجهة فيروس غامض ومجهول ، سريع ، قاتل ، ويتجدد ..والقادم مجهول ..
قبل كورونا كان العالم .. العالم بأجمعه الدول الغنية والفقيرة ، الدول المتقدمة والدول المتخلفة ، كل هؤلاء كان همهم الأول في موازانتهم السنوية هو الدفاع والعسكرة وكل مايمت بصلة للحروب دفاعاُ أو هجوماً ، استعداداً أو استنفاراً ، وكانت الحروب تشتعل في العالم لألف سبب وبدون أي سبب ، أغلبها لترسيخ الغطرسة والهيمنة والسيطرة ..
في المعارك والحروب عادة يقف الجيش في الخط الأول مدافعاً أو مهاجماً وتقف المنظومة الصحية في الخط الثاني إسناداً ..في زمن كورونا تغير الحال ـ باتت المنظومة الصحية بما تضمه من أطباء وممرضين من الجنسين ومن كوادر فنية في خط الدفاع الأول وتحولت المنظومة العسكرية للقيام بدور الإسناد والدعم ..
هذا التغير العكسي في الأدوار يدفع للنقاش ما يمكن تسميته من واقع حال العالم اليوم بـــ الأمن الصحي ، الذي كشف فيروس قاتل أنه لايقل أهمية أبداً عن أية منظومة من منظومات في الدولة بما فيها القوات المسلحة ..يضع الفيروس الأمن الصحي في خط واحد مع الأمن الوطني وهو مايعني ضرورة تغيير النظرة للقطاع الصحي ، بمنحه أهمية مضاعفة في المستقبل ، لاتضمن فقط المنشآت بل أيضا توفير الكادر الصحي المؤهل ، ووحدات مجهزة للطوارىء ومواجهة الأزمات وخطط استراتيجية ، تماماً كما في المنظومة العسكرية ..وهذا يعني إيجاد نوع من التقارب في الموازنات المالية ما بين الدفاع والصحة ..إذا لم يكن التساوي ..مع صعوبة الأخيرة.
ربما يغير كورونا وفيروسه الجديد " كوفيد 19" بعض الأمور ..فنسمع مثلاً ( من باب الأمنيات ) عن ترسانات صحية متنوعة ، تشبه ترسانات الأسلحة المتنوعة ..وصولاً ( من باب التمنيات أيضاً ) إلى عالم بدون ترسانات أسلحة ..فقط لون أبيض يرسم السلام عنواناً وحيدا في الكرة الأرضية ..بالغت كثيراً في التمني أليس كذلك ؟؟!!
غداً ..كورونا والعنكبوت

--:--
--:--
استمع للراديو