الوصال - خلفان الطوقي

استبشرنا خيرًا بالأوامر السلطانية السامية بتشكيل لجنة اقتصادية لمعالجة الآثار الناتجة عن جائحة كورونا(كوفيد ١٩). تشكيل هذه اللجنة دليل تأكيد بأن الآثار الاقتصادية والإجتماعية المؤلمة لهذا الفيروس ليست بأقل من آثاره الصحية، وقد تمتد فترة التعافي لبعض الوقت، فكان لابد من استحداث لجنة اقتصادية مستقلة.

عموما من أهم الآثار الاقتصادية العامة التي تم رصدها في الأيام الماضية كان تسريح عدد من الموظفين، والخلافات العمالية المتنوعة، وتعثر كثير من الشركات عن دفع مستحقاتها المالية للجهات الدائنة، ونقص السيولة المالية لاستمرار المشاريع القائمة، وإنهاء بعض العقود القائمة بين الحكومة والقطاع الخاص، ونية بعض الشركات إعلان افلاسها أو قرب افلاسها فعليا، وغيرها من الإثار المتفرعة من ذلك.

مهمة هذه اللجنة لن تكون سهلة ابدا، فالوضع الاقتصادي في السلطنة مر بمرحلة مخاض عسير منذ بداية عام ٢٠١٥م، وتضاعفت أحماله الثقيلة في هذا العام ٢٠٢٠م بتحديات لم تكن في الحسبان، أولها نزول سعر برميل النفط إلى ما يقرب من ٢٠ دولار امريكيا ، وهو المورد الأول والاهم لخزينة الدولة بنسبة لا تقل عن ٨٠%، وثانيًا الجائحة العالمية لفيروس كورونا، والتي شلت النشاط التجاري بشكل شبه كامل لمدة تقترب من ثلاثة أشهر، وما زالت بعض الأنشطة مغلقة إلى هذه اللحظة، عليه، وبتنوع وتراكم التحديات من عدة اعوام، يتضح جليا أن مهمة اللجنة لن تكون سهلة.

نتفق أو معظمنا يتفق أن المهمة لن تكون سهلة، المهم في ذلك، ان نفكر في ما العمل؟ وما هي التوصيات التي يمكن أن تقال وترفع للجنة الاقتصادية في هذا المقام؟ لنبدا باهم التوصيات والمقترحات، وهي اولا: رصد التحديات التي واجهت القطاع الخاص بسبب هذه الجائحة بشكل دقيق ومهني وحسب القطاع، فهناك قطاعات تأثرت أكثر من غيرها، ومعالجتها تختلف عن غيرها، ثانيًا : عدم الاكتفاء بالحلول من وزارة المالية والبنك المركزي العماني، وإنما إشراك جميع الجهات جانبا من المسؤولية، وخاصة المؤسسات الحكومية التي تمنح تراخيص القيام بالعمل التجاري حسب القطاعات المختلفة السياحية والتعليمية والتعدينية وغيرها، ثالثا: تطعيم اللجنة الاقتصادية بفرق فرعية فيها من يمثل القطاع الخاص، فليس من المنطقي أن يكون صاحب المعضلة ليس حاضرا أو ليس له صوت ورأي في موضوعٍ يخصه، فيمكن للجنة الاستعانة بخليط من الخبرات الميدانية يتكون من عضو يمثل غرفة تجارة وصناعة عمان، وعضو من اللجنة الاقتصادية في مجلس الشورى، وعضو من اللجنة الاقتصادية من مجلس الدولة، وعضوان مستقلان تماما، أحدهما يمثل المؤسسات الكبرى، وآخر يمثل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وعضوا من جمعية المحاميين مثلًا .

أضف إلى ذلك، رابعا: إقرار خطة تحفيزية شاملة تضم حزما مالية، وتسهيلات بنكية، ومنحا تعويضية، وفترات إعفاء، وإعادة هيكلة فترات القروض البنكية، وتقليل نسب الفوائد، وعدم الاكتفاء بحلول فردية أو خطط خجولة، أو إصدار قرارات مربكة غير واقعية، ومن غير المناسب إقرارها في ظروف استثنائية كالحاصلة في هذه الأيام، خامسا: بعد اقرار الخطة التحفيزية لابد من ترويجها بلغة سهلة لجميع الجهات التجارية والصناعية والأفراد المستهدفين.

ختاما، يعلم الجميع أن اكثر من ١٧٠ دولة تأثرت سلبا بفيروس كورونا، وواقع هذه الآثار السلبية يختلف من بلد إلى آخر، وفترة التعافي ستشمل جميع هذه الدول، ولكن الفارق الوحيد بينهم هو قصر أو طول هذه الفترة، فمنها من سوف يتعافى سريعا، ومنها من سوف يدخل في كماشة الانكماش الاقتصادي التي ستستمر لسنين طويلة، لكن معظم الاقتصاديين اتفقوا أن فترات التعافي تعتمد على تبني خطط انقاذ تحفيزية عاجلة، قبل الوقوع في مصيدة التباطؤ الاقتصادي، داعين الله أن تتعافى السلطنة اقتصاديا بشكل سريع .

الأنظار الآن شاخصة إلى اللجنة الاقتصادية وتأمل منها إقرار خطط تحفيزية رصينة جرئية في أسرع وقت ممكن، فعامل الوقت في غاية الأهمية، وكل تأخير يعني طول فترة التعافي، وتحمل آثاره المؤلمة الاقتصادية والاجتماعية، فإما إنقاذ سريع، أو تأخر فغرق . أبعدنا الله عنه.

--:--
--:--
استمع للراديو