الوصال- خلفان الطوقي

عام ٢٠٢٠م ليس عاما عاديا، حكومات أكثر من ١٩٠ دولة تعتبره تحديا حقيقيا وكابوسا طويلا، ٩٠% من البشر تاثروا منه سلبيا، ولامس حياتهم بشكل أو بآخر، لا أحد يدري ماذا يضم لهم المستقبل من مفاجآت صادمة، تكالبت عليهم الظروف وأهمها جائحة كورونا(كوفيد ١٩) التي ما زالت أخبارها تتصدر الوكالات الإعلامية العالمية، فمهما كانت هناك أخبار مفرحة أو صادمة، إلا أنها لم تستطيع إخراج أخبار كورونا عن صدارة العناوين.

سعت معظم الدول ومنها السلطنة إلى إقرار حزمة اقتصادية تساعد القطاع الخاص وأصحاب الأنشطة الفردية على تجاوز هذه المحنة، وأهم ما تم إقراره إلى الآن :القرض بدون فوائد، والذي كلف بنك التنمية العماني بإدارة ملفه، وقد أعلن البنك في وقت سابق أن الأعداد المستحقة هي حوالي ٢٥٠٠٠ شركة ومؤسسة فردية، وحسب آخر إحصائيات البنك أن الذين تقدموا للاستفادة من هذا القرض وصل إلى حوالي ٣.٣٠٠ نشاط خلال مدة اقتربت من ٤ أسابيع من الإعلان عن هذه المبادرة، والمتوقع صرف ٦ مليون ريال عماني لهذا العدد، والذي يعد جهدا كبيرا لبنك التنمية العماني الذي استطاع التعامل مع هذا الحجم في ظل الظروف الاستثنائية، وتشكر عليه الحكومة من خلال هذه المبادرة ومبادرات أخرى خجولة قبل مبادرة القرض بدون فوائد، لكن هذا الجهد لا يعتبر كاف أبداً ، بالرغم من تفهم الجميع للوضع الاقتصادي التي تمر به السلطنة.

ما تم إقراره من حزمة اقتصادية محفزة إلى الآن يعتبر خجولا ولن يكون له أثراً فعالا لأسباب كثيرة منها:

أولا لأنها لا تغطي إلا جزء يسير من أصحاب الأعمال، فعدد ٢٥ الف فرد وشركة صغيرة ومتوسطة لا يمثلون الجميع، بل يمثلون المستحقون للمبادرة، *والتي من المتوقع أن لا يتقدم إليها ٢٥ الف مؤسسة بشكل كامل، والسبب أنها ليست منح مجانية، وإنما قرض مشروط وقد يكون صعبا على الفئة المستهدفة بالرغم من محاولة البنك إزالة شرط وجود كفيل.

ثانيا: ما هي الحزم التحفيزية التي قدمت للمؤسسات الكبيرة التي تتغذى منها المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وماذا عن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة التي لا تقع ضمن فئة ال٢٥ ألف مؤسسة المشمولة بالقرض بدون فوائد، والتي تزيد عن ٢٧٥ ألف نشاط تجاري في السوق العماني، وإن كان كثير من هذا الرقم لا يعتبر نشاطا فعالا.

بالرغم من أي وضع إقتصادي صعب، لكنه لابد من إقرار خطة إنقاذ متكاملة وشاملة وعاجلة وبتدخل صريح من البنك المركزي تشمل: إعفاء ضريبي للمؤسسات المتضررة وبنسب متفاوتة، وتخفيض نسب الفائدة البنكية من البنوك التجارية للقروض السابقة حسب القطاعات المتضررة، وتسهيل إجراءات القروض البنكية التجارية الحالية وبفائدة بنكية أقل، وتمديد فترات القروض التجارية إلى مدد أطول، واقرار منح مجانية لأصحاب الأعمال الفردية وفق شروط سهلة ومعقولة كمراعاة نسب التعمين والتصدير والأثر الاقتصادي والقيمة المضافة ICV وغيرها من عناصر ذات قيمة مضافة في السوق المحلي، والأهم من هذا وذاك دفع جميع المبالغ المتأخرة -إن وجدت- ودفعها في أسرع وقت ممكن من الحكومة إلى القطاع الخاص، وهذه المبالغ ستساهم في رفع نسبة السيولة من جديد في السوق العماني.

فاتورة إقرار خطة إنقاذ اقتصادية شاملة وعاجلة أرخص بكثير من وصول البلد إلى حالة انكماش حقيقي، الحلول الجزئية لن تجدي نفعا، والتأخر في إقرار خطة إنقاذ شاملة سيزيد من الأزمة ويعمق المشكلة، والحل هو بالمختصر: إقرار خطة متكاملة وعاجلة، وأي تضحيات -مهما كانت- تقدمها الحكومة في هذا العام ٢٠٢٠م من ضرائب ورسوم واشتراطات، ستؤتي ثمارها المجدية اقتصاديا وسياسيا وأمنيا في قادم الأيام بإذن الله.

--:--
--:--
استمع للراديو