الوصال- سالم العمري

الملفات الصعبة التي على الحكومة العمل لحل تحدياتها وتراكماتها كثيرة ، وربما ملف الباحثين عن عمل قد يكون أكبرها وأهمها في بلد معظم مواطنيه شباب.
لاشك أن هذا الملف كان ومايزال يحظى باهتمام الحكومة لكن إذا نظرنا واسترجعنا لماذا وصلنا إلى ضخامة هذا التحدي في بلد مليء بالفرص مثل عمان سنجد أن طرق المعالجة القديمة كان يشوبها أحياناً إما تنظير غير واقعي أو تسويق وجهة نظر كانت تركز على أن يكون المواطن العماني ثانويا وفي وظيفة ثانوية في القطاع الخاص، ومن سوق لهذه النظرة ومهد لها كان رجال أعمال سيطروا على مناصب حكومية في وقت من الأوقات وكانت صناعتهم التسويق والتجارة فاستطاعوا إقناع بقية صناع القرار في ذلك الوقت بأن التعمين يجب أن يكون من أدنى الوظائف أجراً وأن التعمين هو الاستثناء وليس الأصل .

وتم غرس هذين المفهومين كفلسفة عبر تسويق ذكي تم تمريره في مختلف أروقة الحكومة ومفاصلها .
وكانت النتيجة بعد سنوات من المحاولات وسنوات طويلة من ضياع فرص كثيرة وأعمار كثيرة من شباب هذا الوطن أنه لم ننجح في التعمين كما أردنا ولا استفاد المجتمع، ودفعنا ثمناً باهضاً نتيجة ذكاء تسويق بعض رجال الأعمال في وقت من الأوقات لما يناسب فكر بعض التجار في حساب الخسائر والأرباح التي لا تتجاوز الأرباح الدفترية السريعة قصيرة المدى ولا تنظر إلى العوائد التي ستثمر لاحقاً وستدوم .

اليوم لا شك أننا أمام أمل جديد نرجو أن لا يعود إلينا تأثير مجموعة من التجار لإعادة تدوير وضع فكرهم واهتماماتهم كأولوية على حساب البلد ومستقبله ومستقبل أبنائه .
الحل في التركيز على أن التعمين هو الأساس وأن يبدأ التعمين من أعلى ومن الوسط وليس الإصرار مرة أخرى على فرض الوظائف متدنية الأجر على شبابنا وهو ما لم ينجح في الماضي ، ليس لأن الشباب العماني لم يعمل أو يتأفف من أي عمل ، لكن لأن شبابنا وُضعوا في حلقة مفرغة من راتب متدنٍ ومستويات وظيفية لا يمكن الترقي من خلالها إلا قليل من قصص النجاح النادرة ينفذون إليها بصعوبة.
أضف إلى ذلك وجود منظومة غير مساندة لمن هم أقل أجراً وأبسطها تمويل احتياجاتهم في مجتمع مثل مجتمعنا يتطلب تمويلا لوسيلة النقل وتمويلاً للسكن وتمويلاً لتكاليف الزواج . إذ أن النظام المصرفي لديه أسبابه في عدم منح التمويل لهؤلاء الشباب في كثير من الأحيان. وهناك تحديات لا تخفى على كثيرين لا يسعها هذا المقال .

الأهم في هذه المرحلة أن ننظر كلنا إلى أن شبابنا أولوية وأن أن لا نلدغ مرة أخرى من ذات الجحر وكلنا أمل واستبشار في إيجاد حلول لهذا الملف الشائك يكون فيها المواطن أولوية ويكون التعمين هو الأساس وليس الاستثناء.

--:--
--:--
استمع للراديو