الوصال- ماهر الزدجالي

جاء من سكيك قرية " الشعيبة " بولاية المصنعة هو ورفاقه على متن اللاندروفر الخضراء في طريق أخضر تحفه النخيل الباسقات نحو " مسكد" كان على موعد مع يوم سيغير أقدار عمان جاء ليستقبل بشائر النهضة المباركة وأن يكون ضمن المشاركين في استقبال وصول سيد عمان الخالد جلالة السلطان قابوس – طيب الله ثراه – إلى مسقط لأول مرة.

لم يكن شاهدا على تلك اللحظة فحسب بل عاش تلك اللحظة الخالدة واللحظات التي بعدها، وفي مقاعد خشبية صغيرة في المدرسة السعيدية كان الطالب النجيب والحصيف والجريء، لم تسعه السعادة والفرحة وهو يقف وجها لوجه يحاور سيد عمان جلالة السلطان قابوس - طيب الله ثراه - أثناء زيارته التفقدية للمدرسة في مطلع السبعينات، وبعد تسلحه بالعلم والمعرفة واصل طريقه في مشوار جديد محفوف بالمسؤولية وبالتحديد في بلاط وزارة الإعلام التي حفظ ممراتها وأستوديوهاتها عن ظهر قلب وعاش تفاصيل تطورها..

إنها العاشرة مساء بتوقيت مسقط، والجميع متسمر أمام الشاشات الصغيرة وهاهو مذيع النشرة يعقوب بن يوسف الزدجالي يطل علينا بهيبته المعهودة وصوته الفخم ليقرأ علينا نشرة الأخبار التي ينتظرها الجميع بفرح لأخبارها السارة وحزن مع أخبارها الحزينة، ومسامعنا ارتبطت بصوته وعيوننا ارتبطت بمشاهدته ومشاهدة برامجه في الرياضة واللقاءات والتقارير الإخبارية..

عشق الأهداف في مرمى الرياضة، ورسم الخطط التكتيكية على المستطيل الأخضر الذي صال وجال عليه مذيعا ورئيس لنادي المصنعة لعدة سنوات..

ولأنه ابن المنابر والمنصات وصديق الميكروفونات فبعد أن توضئ بالعلم والقراءة في أمهات الكتب، وقف على منبر ومحراب المسجد خطيبا وإماما ملء الدنيا بحديث الحكمة والموعظة والخلق الحسن..

وكالشمس تواصل سكب الضياء كل يوم فقد سكب خبراته وأفكاره وحروفه في كتاب الرياضة العمانية من الجذور إلى العالمية، وكتاب تلفزيون سلطنة عمان مشوار وإنجاز، وكتاب الوداع الأخير

ولأن النفوس الكبيرة تتعب في مرادِها الأجسام فقد رحل عنا شامخا وباكرا جدا ونشرة الأخبار على طاولة التحرير تنتظر من يقرأها، وإذا كنا نوارى الأجساد الثرى فمن سيواري الذكريات ويسكت جلجلة الضحكات البيضاء وملح الحكايات.. إنها العاشرة مساءا ونحن ما زلنا بانتظار طلة المذيع يعقوب الزدجالي.. لتبدأ نشرة الأخبار …

--:--
--:--
استمع للراديو