الوصال- نمير آل سعيد

فيما مضى ولا يزال الكثير من الموظفين إذا لم يكن جميعهم يـنـظرون إلى معالي الوزير وسعادة الوكيل بكثير من الخوف، فهذان الاثنان بيدهما الكثير من السلطة على الموظف بما يمكنهما من تحويل مساره الوظيفي وتحطيم طموحاته الوظيفية في دقائق بقرار وزاري يتفق عليه الاثنان في خلوتهما وينفذانه صباح اليوم التالي بنقل الموظف من وظيفته واستبداله دون توضيح الأسباب؛ ليجد الموظف قرار نقله على مكتبه دون سابق إنذاروالمطلوب منه تنفيذه الفوري دون نقاش، وأحيانا يبقى في مكانه مع سحب صلاحياته الوظيفية وتجاوزه وتهميشه.

ومن جانب آخر لدى الوزير والوكيل من الصلاحيات في إسعاد من يرضون عنه بتمكينه في وظيفة نافـذة وتكلـيفه بمهام مختلفة، من خلال عقد إجتماع لاختياره من بين عدة أشخاص لذر الرماد في العيون، وهما قد عزما مسبقا على تعيينه كبديل، ف بأيديهما هذين الاثنين التعيينات والتنقلات وهما الآمر الناهي في الوزارة وما تبقى إجراءت روتينية مآلها إلى التنفيذ وما هي إلا تحصيل حاصل، فيتم إبعـاد الموظف غير المرغوب فيه من وظيفته بمجرد أن معاليه لا يرتاح له وسعادته يتشاءم منه أو لأنهما يريدان فقط أحـدا غيره في هذه الوظيفة، أو لأن الموظف لا يعرف النفاق، فلا يبوس الأيادي ولا يفتح الأبواب.

وبالإمكان سريعا أن يأتيان عوضا عنه بشخص من الوزارة بأقل كفاءة وأضعف قدرات وظيفية ويتم تعيينه، دون أن يتجرأ أحد من الموظفين على أن يرفع صوته ليسأل عن أسباب هذا التعيين، بينما هناك من هو أفضل لذلك العمل وأجدر، فلا توجد معايير واضحة للاستبدال والنقل والتعيين، فيمكن أن يتم إبعاد الموظف الكفؤعن وظيفته وإلغاء دوره وخبرته، واستبداله بآخرين وهم كثر حتى لو كانوا أقل كفاءة وخبرة.

والعمل يمكن أن ينفذ بكفاءة ضعيفة دون أن يعلم أحد، بالتستر داخليا على الأخطاء وتمريرها وتصحيح ما يمكن تداركه، والمهم التخلص من الموظف غير المرغوب فيه والذي يقف عقبة في تحقيق ما يريدون له أن يكون وفق ما يبتغونه.

والموظف المغلوب على أمره الذي يتعرض للضيم يصبر حتى لا يلحق به أسوأ مما لحق به، ولا يتجرأ أن يصعّد الأمور إلى محكمة القضاء الإداري فيتهم بعدم الولاء لوزارته ووزيره وهو لا يعرف هل ستقبل قضيته أو تغلق لعدم التخصص،وحتى إذا قُبلت القضية وتم البث فيها وربحها الموظف لصالحه، فبأي حال يستمر في وزارة بينه وبين وزيرها ووكيلها خصومة وصلت إلى المحاكم فلا يضمن ألا يكيدون له المكائد فيما بعد ولديهم من الوسائل وأقلها سحب الصلاحيات والتهميش في الوظيفة.

فالموظف الحلقة الأضعف فيفضل ألا يدخل في متاهات وتحديات أمام معاليه وسعادته، فما هو إلا موظف ضعيف لا حول له ولا قوة، فمعاليه هو رأس الوزارة وسعادته نائبه يستمدان سلطتهما من منصبيهما،لديهما طاقم من الموظفين الذين يأتمرون بأمرهما ويوجهونهم وعلى الجميع السمع والطاعة ،وهما الموقران المحترمان وهما في الواجهة تظهر صورهما في الصحف ووسائل التواصل الاجتماعي عند كل شاردة وواردة، وهم النجوم في المجتمع أصحاب الرواتب العالية والامتيازات الرفيعة الذين لا يشق لهم غبار، فمن هو أو غيره المغلوب على أمره ليقف في وجه هذين الاثنين متحديا، فليس ندا لهما ولا مثيل، وكذلك الموظفون المسايرون لهما ولو البعض لا يرغب في تنفيذ التعليمات وإنما يخشى أن يرفض ويلاقي أسوأ المصير ليكون من المغضوب عليهم الضالين في الوزارة، ولن تقوم له قائمة بعد ذلك لرفضه، فينفذ التعليمات فورا شفوية كانت أو مكتوبة دون نقاش مخافة وقوع الضرر عليه.

ولذا تجد فيما مضى التعسف في إدارة المنصب من بعض الوزراء والوكلاء أو من هم في حكمهم لعدم إعطاء العمل حقه من العناية والجهد المطلوب، أو توجيههم المنصب من أجل المنافع الشخصية، أو إهدار المال العــام، أو إســاءة استخدام السلطة، أو التسلط على الموظفين والتعدي على حقوقهم لغياب الرقابة الحقيقية المباشرة على أدائهم.

وفي الأيام القليلة الماضية استبشرنا خيرا في تشكيل لجنة الرقابة على الوزراء والوكلاء ومن في حكمهم تتبع حضرة صاحب الجــلالة السلــطان هـيثم بن طـارق -حفظه الله ورعاه-، ووجود هذه اللجنة بهذا المستوى السامي الرفيع بحد ذاته يدفع الوزراء والوكلاء ومن في حكمهم لمراقبة ذاتهم قبل أن يُراقبوا وتجويد عملهم وتحسين أدائهم ومراعاة الأنظمة والقوانين وإحقاق الحق بما ائتمنوا به من مصالح الوطن والمواطن.

وللوطن العـَزة وللمسيء الخسران.

--:--
--:--
استمع للراديو