الوصال- خلفان الطوقي

لعدة أيام، ما زال حديث معظم الناس في الواقع وفي وسائل التواصل الاجتماعي المتنوعة هو واحد، وهو موضوع ضريبة القيمة المضافة المزمع تطبيقها منتصف شهر أبريل القادم، أي بعد أقل من شهر من اليوم، الأحاديث تتشابه، فمنهم من يتحدث عن آثارها، وبعضهم عن اختيار موعد صعب لتطبيقها، والبعض الآخر يتخوف من استغلال بعض التجار لتطبيقها، والكثير منهم ما زال غير عارف بكيفية تطبيقها، وأثر ذلك على ميزانيته وحياته اليومية، والبعض الآخر غير مكترث، ويرى أن عليه التأقلم وتكييف حياته معها.
المواطن أو المقيم أو بمعنى أصح "المستهلك النهائي" يرى أنّ الحلقة الأضعف في كامل المنظومة، وأنّ الحكومة عندما تبحث عن بدائل لزيادة دخل ميزانية الدولة، فإنّ البديل الأسهل والأسرع هو المستهلك النهائي وهو الزبون، وأنه لا حول له ولا قوة، ولابد له من أن يدفع الضريبة من خلال ما يستهلكه من سلع أو خدمات، ويرى أن الظروف تكالبت عليه، ظروف (كوفيد-١٩) وما خلفه من ناحية، وضريبة القيمة الإضافية من ناحية أخرى، وما عليه إلا الدعاء لله أن يخفف عليه، ويرفع شكواه للحكومة لعلها تسعفه بشكل أو بآخر.
صاحب الأعمال (التاجر) بدءا من المصنع إلى المورد أو الموزّع يرى الكثير منهم أن سنوات المعاناة ما زالت مستمرة منذ عام ٢٠١٥م إلى الآن، وما عليه إلا أن يصبر ويقاوم لسنوات أخرى، فهو يرى أن مبيعاته سوف تقل، بسبب تردد أو قلة مشتريات المستهلكين نتيجة هذه الضريبة، بالرغم أنه لن يكون هو الدافع لها مباشرة، ومن زاوية أخرى معاناة أصحاب الأعمال أنه لم يهتم بالأنظمة الضريبية في الماضي وغير ملم بها خاصة أصحاب الأعمال التقليدية، وأصبح الآن يتخوف من تطبيقه للإقرار الضريبي الاختياري أو الإلزامي، فذلك إضافة جديدة تضاف إلى أعبائه الإدارية والمالية.
أما الحكومة فترى أنه قرار خليجي، وتأخّرت عن تطبيقه لعدة أعوام، فكان من المفترض أن تطبقه منذ عام ٢٠١٨م، وأجلته عدة مرات، ولا مناص من تطبيقه الآن، خاصة أنها بدأت بخطوات عملية إصلاحية عديدة كالعادة، هيكلة الحكومة وترشيقها، وإيقاف نزيف الهدر، وترشيد الإنفاق الحكومي، وإقرار خطط تحفيزية، وإنهاء أعمال ٧٠٪ ممن أكمل 30 عاما في الحكومة، وإنشاء جهاز استثماري موحد وضم جميع الشركات الحكومية تحت مظلته، وحصر أنظمة التقاعد من حوالي 11 نظاما إلى نظامين فقط، وغيرها من المبادرات الحكومية المعلنة وغير المعلنة، وأن هذه الضريبة هي جزء أصيل من التحول من الثقافة الريعية إلى الإنتاجية التي تحافظ على الاستدامة المالية من خلال تنويع مصادر الدخل، أضف إلى ذلك المحافظة على قوة العملة المحلية وضمان عدم نزولها، وتقوية التصنيف الائتماني للسلطنة مع المنظمات الدولية للتقييم والصناديق الاستثمارية والمستثمرين الدوليين، وعدم اللجوء إلى تخفيض رواتب موظفي القطاع الحكومي.
وجهات نظر مختلفة، وكل جهة منها تنظر من الزاوية التي تخصها، وكل جهة مصرة على رأيها، لكن السؤال الأهم،
هل سوف تستطيع الحكومة أن تقنع أن ما تقوم به هو الأصلح للجميع؟ وهل أن هذه الضريبة لن تؤثر على القيمة الشرائية للمستهلك؟ وهل هناك خطوات تكميلية من الحكومة تعوض المستهلك ما سوف يستهلكه من خلال هذه الضريبة؟ وهل تطبيق هذه الضريبة سوف يدعم الوضع الاقتصادي ويزيد من قوته ونموه، ويحقق الأهداف النبيلة منه؟ نأمل ذلك

--:--
--:--
استمع للراديو