الوصال - محمد النهاري 

تابعتُ وغيري باهتمامٍ بالغٍ الصدمةَ السعيدةَ التي أذاعتها وسائلُ الإعلامِ العالميةِ والعربيةِ بحريةِ ستةٍ من أبطالِ النضالِ الفلسطينيِّ الملهمِ من أحد أشدِّ السجونِ الصهيونيةِ سجن جلبوع وقد أثارَ تحرُّرُ هؤلاءِ الأبطالِ دهشةَ العالمِ وأذهلَ الألبابَ وأفرحَ قلوبَ المتضامنين الأحرار مع الحق الفلسطيني ، ولا عجبَ أن يكونَ المشهدُ مشوقاً حيث برزتِ الحفرةُ التي كانت السببَ الأولَ والأخيرَ نحوَ الحريةِ بعد توفيقِ اللهِ التي صارتْ صحراءَ شاسعةً تعطش الكيان الغاصب المذهول وأضحى عمقُها الغائرُ محيطاً سحيقاً في قاعهم الذي لا يدرك وعظمت صداهُ المبرهنة عن أمةٍ اعتادتْ النضالَ والمقاومةَ، فسبحانَ من جعلَ صباحَ الاثنينِ شفاءً للصدورِ بتمريغِ أنوفِ الصهاينةِ الأوباشِ وانتكاسةِ طغيانِهم واستكبارِهم من حفرةٍ أسقطت خرافةَ أمنٌ لا يُقهرو تقنيتهم الأمنية وتجلَّى توفيق الله وتمكينه إِن يَنصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ ۖ وَإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا الَّذِي يَنصُرُكُم مِّن بَعْدِهِ ۗ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ فمن ملعقةٍ يَسْري معها العجبُ الوفيرُ فوالله ليست قوةً منهم بل تياسيرُ القهَّار فكيف مضى الحفرُ  في سجنٍ مشدَّدِ الحراسةِ والتَّحصينِ !؟ وكيف أعانتِ الأرضُ تلك الملعقةَ ولم تخرب أو تخذل!!

 وكيف انكتم صداها عن السًجانِ اليقظِ ؟؟ لتجاربه السابقة، لم يكن فصلُ التخطيطِ والهندسةِ للحريةِ الأكثرَ ذهولاً! بل بحسبِ التحقيقاتِ الأوليَّةِ للكيان التي أفادت بأنَّ كاميراتِ المراقبةِ رصدتهم أثناءَ الخروجِ لكن لم يلحظ أيُّ أحدٍ من السجانين في غرفة المراقبة هذا الأمر.

 

 وأنَّ السجانةَ الأخرى التي تراقبُ البرجَ الأقربَ لموقعِ الحفرةِ أصابتها غفوةٌ في تلك الساعةِ ولم تلاحظِ الأمرَ برمته ¹، الحادثة التي استذكرت معها قصةَ المبيتِ من السيرة النبوية عندما همَّت قريشُ إلى دارِ النبي صلى الله عليه وسلم لقتله وجمعت أربعين شاباً من كلِّ قبيلةٍ ومكروا مكراً عظيماً فخرجَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم من بينهم وهو يقرأ "وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ فلم يتمكنوا من ملاحظته وحدث ما هو معلوم في القصة المشهودة، همةٌ ويقينٌ وثقةٌ بعون الله وتيسيره صنع إعجازا لوهم العظمة والمكر والجبروت عند الكيان المستكبر ودب بينهم الشك، قال الإمام ابن القيم لو أن أحدكم هم بإزالة جبل وهو واثق بالله لأزاله".2

 

١قناة الجزيرة 

٢مدارج السالكين - الإمام ابن القيم

 

--:--
--:--
استمع للراديو