الوصال - إبراهيم العجمي

 

يعتقد بعض المتعلمين والقراء أن اقتصارهم على كتب معينة أو كُتّاب محددين أو مجالات بعينها يفيدهم ويساعدهم في التركيز ويحميهم من التشتت ويصونهم من الانجرار بعيدا عما يعتقدون به ويألفونه ما يغيّب عنهم فكرة أن التوسع في مواضيع القراءة له فوائد عديدة ومهمة.


بعضنا يغفل عن أن من يحصر نفسه في القراءة حول تخصص واحد وإن كان له فائدة في التعمق في ذلك التخصص والتمكن منه، إلا أنه في المقابل يجد المرء نفسه إذا ما استمر طويلا على هذا المنوال منحصرا في حدود ضيقة ما يجعله محروما من الاطلاع على ثقافة الآخرين ومختلف الآراء التي تفتح أمامه آفاقا وعلوما يستطيع من خلال السباحة فيها التأكد من صحة ما لديه من معلومات وأفكار ومقارنتها بمعلومات الآخرين وأفكارهم.

التعدد في مواضيع القراءة والتنوع في تخصصاتها يفتح للقارئ نافذة عريضة على باقات من المعلومات غير محدودة العدد أو الكيف وتجعله يمتلك موسوعة من المعارف التي تزيد من ثقافته العامة وتكسبه اتساعا في الأفق المعرفي، وتجعله بالتالي بارعا في التحدث في غرف الدرس والخطب والحديث وقادرا على الإقناع في أي موضوع يطرح ما يكسبه هيبة وتقديرا واحتراما لدى الآخرين.

هناك فائدة أخرى للقراءة متنوعة التخصصات ومتعددة الاتجاهات تدفع إليها الضرورة فمثلا عند التقدم للعمل في بعض الوظائف تعقد مقابلات شخصية من قبل رؤساء العمل وعادة ما يَسألون المتقدم للوظيفة أسئلة متنوعة لقياس مدى معرفته بالمجالات المختلفة والمعلومات العامة وتتطلب الإجابة على هذه الأسئلة كما من المعلومات لا يمكن استقاؤها من القراءة في تخصص واحد.

كثيرا ما نشاهد في الدول المتقدمة الرجال والنساء الكبار منهم والشباب، بل والأطفال أيضا أثناء تواجدهم في أماكن الانتظار العامة يقرأون في الكتب، أو الصحف أو المجلات ويستثمرون أوقات فراغهم في اكتساب معلومات متنوعة أو أخبار تهمهم أو حتى ترفّه عنهم ولأهمية القراءة سمعت أحدهم أنه كان يقرأ في كل شيء حتى قصاصات الورق المرمية في الأزقة والطرقات.

يُشبّه البعض القراءة بالطعام فيعتبرونها غذاء للعقل والروح مثلها مثل الأكل والشرب اللذين يغذيان الجسم فكما تحتاج البنية القوية لجسد الإنسان إلى التنوع في الطعام يحتاج العقل إلى التنوع في موضوعات القراءة والاطلاع وهذا لا يعني أن يقرأ الإنسان علوما فوق مستوى فهمه بل يكتفي بما يفهم ويعيه من معلومات يطلق البعض عليها بالمعلومات العامة.

إنّ البعض يُجمل فوائد التنوع في موضوعات القراءة في جعل الإنسان مثقفا ومطلعا في العديد من المجالات وتجعله يشعر بالمتعة ويبعده عن الملل كما تمنحه خلفية لغوية كبيرة والفرصة لامتلاك مهارات مفيدة له كالتفكير الناقد والقدرة على الاقناع والامتاع حين الحديث أو الكتابة وإن أهم ما يغيب عن بعضنا بين كل ذلك أن فوائد القراءة متعددة المواضيع لا حدود لها.

--:--
--:--
استمع للراديو