الوصال - إبراهيم العجمي

ليس هناك شك في أن الاهتمام بنظافة الجسد والمنزل ومكان العمل وكل الأماكن أمر أساسي وضروري، ولكن يذهب بعضنا إلى الاعتقاد بأن النظافة من كل شيء وفي كل وقت هو مطلوب ومفيد ظنا منهم أن ذلك من العادات الجيدة والتي يجب أن يحرص عليها درءا للأمراض والجراثيم متغافلا عن هذه الفكرة غير صحيحة تماما.
ظهرت دراسات حديثة أكدت أنّ التعرض في سن مبكرة لمجموعة من البكتيريا البيئية مثل الموجودة في الحيوانات والطيور التي يتم تربيتها منزلياً في المناطق الريفية، يؤدي إلى فوائد صحية بتقوية جهاز المناعة لدى الأطفال وأن النظافة في كل شيء وعلى كل حال قد تحرم الأنظمة المناعية لدى الإنسان من فرص تعلم محاربة الميكروبات.

وتعتبر دراسات أخرى أيضا أن النظافة المبالغ فيها قد ترقى لأن تكون دليلا على وجود مرض نفسي لدى الشخص إضافة إلى ما يؤديه ذلك من إزعاج لكل المحيطين به وإصابتهم بالتوتر ويقول الدكتور جمال فرويز استشاري علم النفس إن النظافة شيء هام وضروري لكل فرد ولكن الإفراط فيها يعتبر أكثر خطورة من قلة التطرق إليها لأن الأمر قد يصيب الفرد بمرض الوسواس القهري الذي يدفعه مثلاً إلى غسل اليدين عشرات المرات أو تنظيف البيت أكثر من مرة يومياً الأمر الذي يحوّل الحياة إلى خوف وقلق وتوتر وقد يحولها إلى جحيم لا يطاق.
وكي لا نبالغ في النظافة يهمنا أن نعلم أن جمعية أطباء الحساسية الألمان أوصت الآباء بعدم منع أطفالهم من التعرض لبعض الأشياء غير النظيفة أو الأمراض البسيطة وقالت كريستين يونغ عضو مجلس إدارة الجمعية إنه إذا أصيب أحد أطفال الجيران بالبرد فلا يجب منع الطفل من اللعب معه لأن تعرضه لذلك يقوي جهاز المناعة لديه كما أوضحت أن دراسة طبية انتهت إلى أن الأطفال الذين ينشؤون في الريف يكونون أقل حساسية من نظرائهم الذين ينشؤون في المناطق الحضرية.

كما تنصح كريستين يونغ بضرورة ترك الأطفال يلعبون في البيئة الطبيعية بكل ما فيها لأن جهاز المناعة في السنوات الأولى لعمر الطفل يحتاج إلى البكتيريا لتحفيزه حتى يصل إلى قوته الكاملة وأشارت إلى أن هذا يعني ضرورة عدم مبالغة الآباء في مظاهر النظافة العامة في المنزل، وأكدت أن تنظيف المنزل بالمواد الكيماوية مرتين أسبوعياً أمر مبالغ فيه جداً وفي الوقت نفسه فإنّ تهوية المنزل باستمرار لدخول الهواء النقي إليه أمر مهم جداً.
جمعية أطباء الحساسية الألمان أشارت في دراستها التي بثتها وكالة الأنباء الألمانية إلى أنّ الرضاعة الطبيعية خلال الأشهر الأربعة الأولى من عمر الطفل تقلل احتمالات إصابته بالحساسية فيما بعد حتى لو تعرض لأسطح غير نظيفة تماما ما يدعم نظرية أن يبقى الإنسان نظيفا ولكن بألا يبالغ في النظافة.

--:--
--:--
استمع للراديو