الوصال - خلفان الطوقي

بسبب ظروف ومُعطيات مُعينة لم تتح للسلطنة الفرصة الذهبية لأن تكون جزءًا من استضافة جزءٍ من مُباريات البطولة الأهم والأكثر شعبية كأس العالم لكرة القدم "مونديال 2022" المُزمع إقامتها في دولة قطر الشقيقة من 21 نوفمبر إلى 18 ديسمبر 2022، خاصة بعد تراجع الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" عن فكرة توسعة البطولة العالمية إلى 48 مُنتخبًا لتكون كالبطولات السابقة والاكتفاء بعدد 32 مُنتخبًا فقط، ومع ذلك فبسبب القرب الجغرافي من دولة قطر وعوامل أخرى، يمكن لعُمان أن تستفيد اقتصاديًا وسياحيًا من أهم حدث عالمي ومتابعين يصل عددهم إلى عشرات الملايين من البشر على مستوى العالم.

تطلعات الجميع في عُمان أن تتم الاستفادة من هذا الحدث، لكن الأمنيات وحدها لا تكفي؛ إذ لا بُد أن تتبعها استعدادات وجهود وخطط في الميدان، وبما أن هذه الفرصة تتنافس عليها دول أخرى مثل السعودية والإمارات وإيران وغيرها، عليه لا بُد من اقتناص الفرصة بالإعداد المُسبق، وتقديم "ملف" شامل متكامل مُغرٍ لكل أصحاب العلاقة والمستهدفين، يوضح فيه استعدادات السلطنة لاستضافة الجماهير والمنتخبات وإعلاميي المحطات العالمية لتكون مقر إقامتهم الأكثر جذبًا بعد دولة قطر الشقيقة، وحتى التقاسم مع الدولة المستضيفة إن أمكن في إقناع الأشقاء والمقيمين في دولة قطر غير المهتمين بمتابعة مباريات كأس العالم أو الذين يرغبون في الابتعاد عن زحمة البطولة في أن يقضوا إجازاتهم في السلطنة، خاصة وأن المسافة فيما بيننا لا تتعدى ساعة ونصف الساعة فقط جوًا.

يفصلنا عن بطولة كأس العالم 196 يومًا فقط؛ أي أقل من 7 أشهر، وهذه الأيام قليلة في مفاهيم وثقافة استضافة الأحداث العالمية، ولأننا لا نستهدف الحدث كله، وإنما جزءا منه، فلا بأس أن تكون السلطنة جاهزة بملفها قبل وقتٍ كافٍ؛ فالاستعدادات ليست مقتصرة على الاستعداد الداخلي الرسمي الذي قد يشمل وزارة التراث والسياحة وشرطة عُمان السلطانية وهيئة الطيران المدني ومجموعة عمران وشركة مطارات عمان وشركة الطيران العماني، لكنه يحتاج لشركاء آخرين من داخل السلطنة وخارجها؛ فالاستعداد الداخلي لا يكفي، إنما يحتاج أن يتم تسويق "ملف" الاستعدادات للمستهدفين، وكل أطراف العلاقة الذين يستطيعون الوصول إلى المستهدفين كافة.

وثمَّة عوامل كثيرة يمكن تفعيلها لضمان تعظيم الفوائد الاقتصادية والسياحية للسلطنة منها على سبيل المثال: إقامة شراكات استراتيجية رسمية وغير رسمية مع الجانب القطري، والتعاقد مع الهيئات وشركات الطيران والسفر والسياحة القطرية من خلال تقديم عروض تنافسية جذابة للقدوم والإقامة في السلطنة، وإشراك الشركات العمانية السياحية وتشجيعها على التعاون مع نظرائها في قطر، والتعاقد مع الشركات التسويقية العالمية للمساهمة في استقطاب المستهدفين إلى السلطنة، والقيام بحملات ترويجية في الدول المتأهلة للمونديال من خلال مشاهير "السوشيال ميديا" في تلك الدول، كما يمكن إشراك وزارة الخارجية من خلال سفاراتنا في تلك الدول وغيرها من الدول للمساهمة في الترويج عن استعدادات السلطنة لهذا الحدث العالمي.

هذا الحدث العالمي الاستثنائي ليس فرصة عابرة، إنما فرصة يمكن الاستفادة منها لتكون "فرصة ذهبية" إن أحسن استغلالها، هي مفيدة وإثرائية لعُمان قبل البطولة وأثناءها وحتى بعدها، لكن ذلك يعتمد علينا ويبقى رهين الاستعدادات والتحضيرات الداخلية والشراكات الخارجية وطريقة الاستثمار المالي والبشري من خلال التسويق والتفاوض، والعمل الاستباقي والابتكاري، فإن كان عملنا وجهدنا تقليدياً، فإنَّ النتائج لن تكون إلا نتائج ضئيلة وخجولة، وتظل تطلعات الجميع عظيمة، فلنعظم جهدنا وننوعه، ولنزد من استعداداتنا، لننال ما نتمنى.

--:--
--:--
استمع للراديو