الوصال - خلفان الطوقي

عقدت وزارة المالية قبل عدة أيام لقاءً إعلاميًا لتسليط الضوء على الحساب الختامي للميزانية العامة للدولة والأداء المالي لعام 2021، ومقارنة الأداء المالي مع عام 2020، وإبراز الأداء الفعلي وما هو مخطط له في عام 2022، وضمّ كثيرا من الحقائق والأرقام، بعضها مطمئن ومبشر، وبعضها يمثل تحديًا، ولا بُد أن يُنظر إليه بجدية قصوى، هذا المقال هو محاولة لتسهيل المعلومات إلى القراء المهتمين بما هو "حسن" وبما هو "أحسن" من أرقام وحقائق.

الأخبار "الحسنة" المفرحة كثيرة؛ منها أن متوسط سعر برميل النفط المرصود لموازنة 2012 كان 45 دولارا أمريكيا، أما الفعلي كان 61 دولارًا أمريكيًا مرتفعًا بمبلغ 16 دولارًا عن كل برميل نفط، والذي يشكل ارتفاعا بما نسبته 35%، كما أن نسبة الإنتاج زادت بنسبة ضئيلة بأقل من 1%، ويعني ذلك زيادة في دخل الإيرادات النفطية تصل لأكثر من 58%، وزيادة أيضا في إيرادات الغاز بنسبة تصل إلى 40.6%، ومن الحقائق المطمئنة استردادات القروض ارتفعت بنسبة 50%.

ومن الحقائق الجيدة أيضا في الأداء المالي لعام 2021 أن نسبة العجز انخفضت عما هو مخطط له بنسبة 45%، والحاجة إلى التمويل الداخلي والخارجي قلت بنسبة 27%، كما انخفضت نسبة السحب من الاحتياطات المالية بما يعادل 33%، فبدلا من سحب 600 مليون ريال من احتياطات الدولة، قلّ المبلغ ليكون 400 مليون ريال فقط، كما ارتفع التصنيف الائتماني أمام الوكالات العالمية للتصنيف الائتماني من سلبي إلى مستقر، ونسبة الدعم الحكومي لكافة البرامج قلت بنسبة 9%، وهو مؤشر جيد للوكالات الدولية برصانة الاستدامة المالية، مع تحفظ كثير من قبل فئات المجتمع.

أما بالنسبة للمؤشرات والأرقام التي تشكل تحديا هو أن الإيرادات غير النفطية قلت عن المخطط بنسبة تصل لـ8% وانخفاض الإيرادات الجارية بنسبة تصل إلى 4%، والإيرادات الرأسمالية أيضا انخفضت بنسبة كبيرة تصل إلى 75%، وأخيرا انخفاض الإيرادات والرسوم عما هو مخطط بنسبة تصل إلى 8%، ويعود ذلك إلى تأثيرات جائحة كورونا وتخفيض كثير من الرسوم الحكومية، وتقديم الحوافز والتسهيلات لكثير من القطاعات الإنتاجية.

الخلاصة، أن "الحسن" في الأداء المالي لعام 2021 هو تقليل العجز بنسبة جيدة جدا، لكن الأحسن سوف يتحقق بعد سد العجز المالي، ليس من خلال الأسعار المرحلية المرتفعة للنفط والغاز، إنما من خلال سد الانخفاضات في الأنشطة غير النفطية والإيرادات الجارية والإيرادات الرأسمالية.

"الحسن" في الحقائق أننا في عام 2021 حققنا أفضل مما هو مخطط، وأفضل من الأداء المالي لعام 2020، والأحسن هو ألا نقارن بهذا العام المؤلم الذي شهد بدايات جائحة كورونا والإعسار في كل جوانب الحياة محليا وعالميا، ولكن الأحسن أن تتحدى الحكومة نفسها في أن تأتي بمعايير تضمن لها الاستدامة المالية قدر الإمكان في عام 2022 وما بعده من أعوام بغض النظر عن تقلبات سعر النفط والغاز والمشتقات النفطية الأخرى الذي يتحكم به غيرنا من ظروف السوق العالمية من عرض وطلب، والمعطيات الجيوسياسية العالمية الأخرى.

--:--
--:--
استمع للراديو