قد يظن بعضنا أنّ الإيمان بوجود الخالق ليس مهما أو لا يوجد لهذا النوع من الاعتقاد ضرورة في حياة الإنسان وأن البشر يمكنهم أن يعيشوا حياتهم بشكل طبيعي حتى لو كانوا لا يؤمنون بوجود الله بل وبالتالي هم يذهبون إلى أن الإيمان بوجود خالق لهذه الكون ليس له علاقة بسعادة الإنسان غافلين عن أن الإيمان بوجود خالق واحد لكل هذه الموجودات من الأمور العقلية والبديهية.

حتى لو لم يرسل الله رسله إلى البشر فإن الإيمان بوجوده ضرورة وجدانية وتكوينية وفي الدين الإسلامي الذي هو دين التوحيد الأخير في هذا الوجود يؤمن أتباعه بأن فضائل الإيمان بالله وآثاره النفسية والقلبية في حياة الإنسان العملية كثيرة بل ولا حدود لها فهو نور وسكينة للقلب والعقل وهو تحرر وكرامة وعزة للنفس وهو قوة وعزيمة دافعة للخير كما يعتبرون أن الإيمان بالله له دور أساسي في جعل الإنسان قوي العزيمة كثير الصبر ثابتاً كالجبل مهما كانت المصاعب؛ لأنه يعلم أن الله معه أينما كان وأنه مطلع على سره وعلانيته.

الإيمان بوجود الخالق -وهو الله- أساس السعادة ومنهج الحياة الحقيقي الذي يضمن للإنسان الراحة والنعيم في الدنيا والآخرة لأنه إيمان يخترق الظروف المادية والمحيطات الظاهرية ويتعدى إلى صميم القلب ووشائجه ليجعل الإنسان راضيا بكل ما يمر به من ظروف وأحوال ليس له دخل فيها أولم يكن هو المتسبب فيها وليس ذلك فقط بل ويدفعه إيمان الإنسان بالله إلى التغيير إلى الأفضل وطلب الخير والكد في طلب الحياة الرغيدة والعيش الهنئ وكل ذلك لا يتحقق مع الآلام والضغوطات الحياتية والأحزان والهموم التي تعتري الإنسان إلا إذا كان صاحبها مع الله والله معه.

إن الخالق هو الأعلم بخفايا الإنسان وما توسوس به نفسه وهو أقرب إليه من حبل الوريد فمن هو خبير بحالك ومدى طاقتك وتحملك هو الأجدر بأن تكون إلى جانبه فقد سئل الإمام علي بن أبي طالب عن أن الله يرمي الإنسان بسهام الابتلاء فما العمل فقال علي: "كن بجانب الرامي لن يصيبك أي سهم" والإصابة هنا هي أن يضعف الإيمان والصبر ويقوى الجزع والقلق فليس المقياس في نظر الإسلام هو أن يكون الإنسان معافى من كل البلايا والآلام المادية والظاهرية وإنما المقياس هو قوة التحمل والصبر التي يمتلكها وهذا لا يمكن ويتعذر تحققه إلا بطريق واحد فقط وهو الإيمان بالله إيمانا لا ينخره الضعف ولا يخترقه الوهن ولا يحل بساحته اليأس والتقهقر أو الانكماش على الذات وإنما الانطلاق في الحياة وتوخي الأمل وحب الخير للنفس والآخرين.

المؤمن بالله هو الذي  لا يمكن أن يصدر منه ما هو شر وأذى ويأمن الكون جانبه فهو الصادق الأمين الطيب الطاهر بل هو كل صفات الخير والجلال لأنه ارتبط بحبل الله المتين وصراطه المستقيم فلا يتعدى على أحد ولا يبطش بأحد وأين ما حل فالسلام هو رداؤه والأمان هو إزاره والرحمة والرأفة هما غطاؤه.

إذن فالإيمان بالله منهج وروح وحياة ينبغي أن يتعلمه الإنسان ويدركه ويمتلكه لأن بدون إيمان يصبح كالشجرة اليابسة ليس لها روح ولا حياة سوى أنها تصلح حطبا للنار فالإيمان بالله هو الرجاء والخوف في آن واحد والهروب من الله وإليه في ذات الوقت فلا هنأ عيش من لا يؤمن به ويتنعم بمعرفته ويشعر بلطفه ورحمته ولا يمكن أن يشعر بلذة الإيمان بالله إلا من جربه وعاش في كنفه وشعر بقربه –عز وجل-.

--:--
--:--
استمع للراديو