سالم العمري

منذ زمن طويل لم يمر على تاريخ هذا الجزء من العالم لحظة توافق كتلك التي نشهدها الآن بالإعلان عن الاتفاق بين المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية الإيرانية.

هذا التوافق يفتح الأبواب مباشرة لتضميد الكثير من جراح الأماكن الملتهبة في العالم العربي والعالم الإسلامي فبلاشك بأن الملفات في اليمن وسوريا والعراق ولبنان ستتجه بعد هذه اللحظة التاريخية إلى ماهو أفضل لشعوب هذه الدول، وهذا متوقع نتيجة الخطوة الشجاعة التي اتخذتها المملكة العربية السعودية في الوصول إلى هذا الاتفاق مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية.

كان من الممكن أن تكون جلسات الحوار كلها في سلطنة عمان،ومسقط قادرة تاريخيا على أن توفر كل مقومات نجاح الحوار لكل الأطراف وبما هو في صالح المملكة العربية السعودية، ولكن يبدو بأن هناك توافقاً عمانياً مع الرياض في خطوة السعودية الأخرى الحكيمة و الشجاعة بأن تكون الصين هي المستضيفة للجزء الأخير والمنصة التي يُعلن منها الوصول إلى هذا الإتفاق . فمنذ فترة لابأس بها والصراع الأمريكي الصيني يلقي بظلاله على كثير من ملفات المنطقة بما فيها الملف النووي الإيراني ومن الصعب أن يفلت أي ملف سياسي أو اقتصادي دون أن يكون له تشابكات مع صراع الغرب مع الصين حول النفوذ والمستقبل،ووجود الصين في معادلة هذا الاتفاق خطوة مهمة وغير مسبوقة.

دول مجلس التعاون تدير ملفاتها مع حلفائها التقليدين وفي مقدمتهم الولايات المتحدة بذكاء لا يقطع شعرة معاوية مهما اشتد الاختلاف ولا يتنازل عن سيادة هذه الدول مهما توافقت الرؤى بين عواصم الخليج من جهه وواشنطن من جهة أخرى، وهو أمر ليس بالهين كما يحب أن يصوره البعض ممن تستهويه الشعارات القومية الرنانة أو الشيلات العنترية. وهذه المرة بلا شك أن السعودية حافظت على هذا النهج في تعاملها مع الحلفاء التقليدين لكنها نقلت التعامل مع الحلفاء التقليدين إلى مساحة أرحب وأوسع لحركة دول مجلس التعاون.

ماقامت به الرياض خطوتان شجاعتان فيهما من الحكمة الكثير ، وكمواطن من سلطنة عمان سعيد بأن بلدي بقيادة جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم حفظه الله كانت فعالة ومؤثرة في أن تصل المنطقة إلى هذه اللحظة التاريخية وكمواطن من دول مجلس التعاون سعيد بأن ماقامت به المملكة من خطوات بقيادة خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمير محمد بن سلمان هي خطوات تُبشر بعهد جديد لهذه المنطقة من العالم و بشرق أوسط أكثر خيرا ورخاءً.

--:--
--:--
استمع للراديو