الوصال - خلفان الطوقي

بدأ جهاز الاستثمار العُماني تنفيذ خطة التخارج من بعض شركاته المحلية، وقد أعلن عن نيته تنفيذ هذه الخطة منذ بدء تنفيذ رؤية "عُمان 2040"، أي قبل عام من الآن، وقبل أيام قليلة تحولت شركة أبراج للطاقة من كونها شركة حكومية مُغلقة لتكون شركة مساهمة عامة، كما أعلن الجهاز تخارجه من شركة أسمنت عُمان، وفي قادم الأيام وحسب ما هو مُعلن سوف يتخارج جزئيا مما يقرب من (30 إلى 35) شركة محلية حسب خطة متوسطة تنتهي في عام 2025.

في هذه المقالة سوف يتم تسليط الضوء على سياسة التخارج، والإجابة عن هذا السؤال: هل سياسة التخارج مفيدة أو مضرة؟ بداية سوف يتم استعراض الفوائد وأهمها:

تنفيذ التوجه الحكومي: فمنذ أول خطاب للسلطان هيثم بن طارق -نصره الله- أعلن أن جهاز الاستثمار العُماني سوف يلعب دورا جوهريا في الاقتصاد العُماني، ومن ثم أعلن معالي رئيس الجهاز في عدة مقابلات إعلامية عن الخطط التنفيذية ومن ضمنها سياسة التخارج الجزئي والكلي وفق جاهزية وظروف الشركات التابعة للجهاز.

التمكين: كانت هناك مطالب متكررة من القطاع الخاص المستقل بأن لا تقوم الشركات الحكومية بمزاحمتهم والتضييق عليهم، فأصبح لزاما عليهم التخارج، والقيام بدور التمكين والتسهيل.

السيولة والربحية: من فوائد التخارج هو الحصول على سيولة نقدية تمكنهم من توزيع الأرباح للملاك أو إعادة الاستثمار في شركات وقطاعات جديدة، أو دفع مديونية لشركات تابعة لتكون أكثر استقلالية بعيدا عن الدعم الحكومي، وهذا هو حال الصناديق السيادية الديناميكية تظل في بحث وحركة دؤوبة تفتش عن الفرص الاستثمارية أينما كانت وتظل تنوع في محفظتها بشكل مستمر.

تعميق بورصة مسقط: من ضمن خطط التخارج أن يتم بيع حصص مُعينة للصناديق الاستثمارية أو الأفراد لتتحول الشركة من مغلقة لتكون مساهمة عامة، وهذا ما حصل فعلياً في شركة أبراج للطاقة، وإذا تكرر مثل هذا الطرح، تلقائيا سوف يعزز من مكانة بورصة مسقط، ويزيد من أحجام التداول، خاصة أن بورصة مسقط أعلنت أنها بصدد الانتقال من سوق حدودي أو سوق ناشئ ليكون أكثر جاذبية ومراقبا من أنظار الصناديق الاستثمارية الإقليمية والعالمية، والطريقة الأجدى هي توفر رؤوس أموال وأحجام سوقية ضخمة.

جذب استثمارات أجنبية: هناك أهداف إضافية للتخارج منها طرح الشركات الربحية ومنها جذب شهية المستثمرين العالميين، وظهر ذلك جليا وكمثال واضح من خلال طرح نسبة من شركة أبراج للطاقة، وقد تمكنت من جذب صناديق وشركات عالمية كصندوق الاستثمارات العامة السعودي وشركة شلمبرجير العالمية.

أوعية إدخارية للأفراد: طرح شركات حكومية ربحية في بورصة مسقط سوف يشجع الأفراد على اكتشاف أوعية ربحية جديدة للاستثمار في النطاق المحلي، وعدم الاكتفاء بالأدوات التقليدية، وسوف تشجع فئات إضافية من المجتمع على الادخار، ووضع مدخراتهم في المنصات الاستثمارية القانونية، والابتعاد عن المنصات الوهمية غير المرخص لها المنتشرة هنا وهناك.

آفاق جديدة: يتيح التخارج فرصا إضافية كإمكانية رفع رأس المال، والتوسع في أسواق جديدة خارج المحيط المحلي من خلال المساهمين الاستراتيجيين الجدد، ونقل تكنولوجيا متقدمة، وتوطين صناعات جديدة من خلال الشركاء الجدد.

سمعة دولية أفضل: التخارج وعدم سيطرة الشركات الحكومية لمفاصل الاقتصاد تمنح الدولة سمعة أفضل وثقة أعلى، وتمنح السلطنة مرتبة أفضل من خلال المقيمين المتخصصين، وبالتالي تشجع الصناديق والمستثمرين على الاستثمار في عُمان ومضاعفتها في المستقبل.

حوكمة: أعلن جهاز الاستثمار العُماني عن برامج الحوكمة المختلفة، وإحدى هذه الطرق هي تطبيق سياسة التخارج التدريجي من بعض استثمارته بناء على معايير محددة كالربحية والجاهزية وتنوع المحفظة الاستثمارية من خلال توسعة قاعدة الملاك، والتي تتواءم أنظمة الحوكمة فيما بينها وبين أنظمة حوكمة الهيئة العامة لسوق المال.

أما بالنسبة للهواجس المجتمعية للتخارج فهو الاستغناء عن بعض السلع الاستراتيجية، ووضع مصيرها والتحكم فيها لدى المستثمر الأجنبي دون مراعاة للظروف المحلية، وتعليقًا على ذلك، فإني لا أتوقع أن يغفل جهاز الاستثمار عن ذلك خاصة وأن تنفيذ عملية التخارج يأتي بعد دراسة مستفيضة من موظفي الجهاز والشركات الاستشارية المستقلة، وكما تم الإشارة أعلاه إلى أن التخارج يكون تدريجيا ويعتمد على الربحية والجاهزية، ويتواءم مع برنامج روابط وميثاق الشركات المملوكة للجهاز الذي اعتمد حوالي 20 استراتيجية ومن ضمنها حوكمة التخارج وفق مبادئ توجيهية وضوابط ودليل استرشادي واضح.

--:--
--:--
استمع للراديو